مجزرة كيماوي الغوطة

عند فجر يوم الأربعاء 21 آب 2013 استهدف النظام السوري مدينتي "زملكا وعين ترما" بالغوطة الشرقية ومعضمية الشام بالغوطة الغربية بعدد من صواريخ  (أرض ـ أرض) المحملة بغاز السارين، ما أدى لوفاة 1144 شخص نتيجة استنشاقهم الغازات السامة، وإصابة 5935 شخص وفق الشبكة السورية لحقوق الإنسان. وذلك بعد ثلاثة أيام من وصول بعثة مفتشي الأمم المتحدة إلى دمشق للتحقيق بالهجوم الكيماوي على بلدة خان العسل.

 

لجنة التفتيش التابعة للأمم المتحدة أصدرت تقريراً بتاريخ 16 أيلول 2013 أشار إلى أن "غاز السارين" أطلق بواسطة صواريخ أرض-أرض. وذكر التقرير أن الهجوم حدث في ساعة ضمنت إصابة أو مقتل أكبر عدد ممكن من الأشخاص، ولم يحدد التقرير هوية الفاعل.

مجلس الأمن الدولي أصدر القرار رقم 2118 بتاريخ 27 أيلول 2013 أدان فيه استخدام السلاح الكيماوي دون أن يشير إلى الجهة المنفذة.

 وبناءً على اتفاق (أمريكي ـ روسي) تم ضم النظام السوري إلى منظمة حظر الأسلحة الكيماوية  بتاريخ 14 أيلول 2013 مقابل منع التدخل العسكري في سوريا وتجاهل خط أوباما الأحمر. كما تم الاتفاق على تدمير مخزون سوريا من الكيماوي بإشراف منظمة حظر الأسلحة الكيماوية، وقد أعلنت المنظمة، لاحقاً، عن تدمير 1300 طن من مخزون النظام. رغم ذلك كرر النظام استخدام السلاح الكيماوي ضد الشعب أكثر من مئتي مرة بعد مجزرة الغوطة، وصدرت نتائج تحقيقات تثبت ذلك، ما انتهى بتجميد عضويته في منظمة حظر الأسلحة الكيماوية بتاريخ 21 نيسان 2021 والتي كان قد تم ضمه إليها إلزامياً.

إن استخدام السلاح الكيماوي في 21 آب 2013 يُعد المرّة الثالثة والثلاثين التي استخدم فيها النظام السوري الكيماوي ضد الشعب وفق الشبكة السورية لحقوق الإنسان، وكانت هي المرة الثالثة التي يستخدم فيها  النظام غاز السارين في الغوطة الشرقية واستخدمه مرة رابعة في مدينة دوما مساء 7 نيسان 2018.

تبلغ مساحة الغوطة الشرقية 600 كم مربع، وتضم أكثر من 60 مدينة وقرية، وتعدّ الغوطة الشرقية السلة الغذائية الرئيسية لمدينة دمشق بسبب أراضيها الزراعية الخصبة.

تمتاز الغوطة الشرقية بموقع استراتيجي هام، إذ تحاذيها مدينة دمشق من جهة الغرب، ومطار ضمير العسكري ومحطة تشرين الحرارية من الشرق، ومطار دمشق الدولي والمطاحن من الجنوب، ومدينة عدرا الصناعية وأوتوستراد حمص من الشمال، ويتوسطها مطاري مرج السلطان المروحيين. وكانت قبل عام 2011 تحتوي على عدد كبير من الثكنات العسكرية والمراكز الأمنية.

تم تحرير الغوطة  في تشرين أول عام 2012 ثم تمكن النظام من إطباق الحصار عليها وقطع جميع المعابر الواصلة إليها بتاريخ  2 تشرين الأول 2013 وكان يقدر عدد سكانها في بداية عام 2013 نحو مليونين شخص، وبدأ بالتضاؤل مع إرهاصات الحصار، وبقي منهم نحو 400 ألف شخص وفق تقارير الأمم المتحدة. الحصار ومنع إدخال الأدوية والأجهزة الطبية أدى لاستنفاذ مخزون النقاط الطبية في الغوطة، وحال دون إمكانية افتتاح نقاط طبية جديدة لتغطية حاجات أعداد السكان الكبيرة، ما انعكس سلباً على التعاطي مع مجزرة الكيماوي وإنقاذ حياة الضحايا.

في 18 شباط 2018 بدأت قوات النظام السوري عملية عسكرية واسعة على الغوطة، انتهت بعد شهرين بالسيطرة عليها وتهجير نحو 66 ألف شخص من أهلها إلى الشمال السوري. وبعد استعادة النظام السيطرة نبشت أجهزة النظام الأمنية قبور ضحايا الكيماوي في زملكا سعياً  لتغييب أدلة الجريمة وخنق الحقيقة.