خنق الحقيقة

خنق الحقيقة

بعد كل مجزرة كيماوية يرتكبونها، يسعى النظام السوري وحلفاؤه في روسيا إلى إخفاء أدلة الجريمة، ومحو آثارها، والعبث بحيثيات القضية. ويستخدمون لتحقيق هذه الأهداف وسائل عديدة، منها:

 

 

 

 

 

العبث بالأدلة:

العبث المباشر: وهو ما يقوم به النظام وحلفاؤه بعد سيطرتهم على موقع الجريمة؛ من محو آثارها كإخفاء آثار المقذوفات، والمعالجة الكيميائية للمنطقة كتطهير الموقع المستهدف وأماكن إسعاف المصابين، وتغيير معالم المنطقة كنبش القبور، وكذلك ترحيل جثث الضحايا واستبدالها بأخرى سليمة كيميائياً.

العبث غير المباشر: الحيلولة دون وصول لجان التفتيش، لاحقاً، إلى موقع الجريمة، ويكون ذلك بقصف ميدان الجريمة وكل ما يمكن أن يكون دليلاً على ارتكاب الجريمة، كالمشافي وأماكن الإسعاف والمقابر وغيرها.

 

 

إعاقة عمل لجان التحقيق:

في كل مرة تنوي فيها لجان التحقيق وفِرَق التفتيش  الدخول إلى سوريا، كان النظام السوري وحلفاؤه الروس يعمدون إلى تضليل التحقيقات، ويضعون العراقيل المختلفة أمام هذه الفِرَق واللجان، كالتأخر في الرد على المراسلات، وتأخير منح تأشيرات دخول للمفتشين، وإعاقة وصولهم إلى مناطق الهجمات، لا سيما أن قوات النظام كان تسيطر على المعابر والطرقات الواصلة إلى مناطق سيطرة فصائل المعارضة (المستهدفة بالكيماوي). وفي بعض الأحيان كان يتم ترهيب أعضاء هذه اللجان والفِرَق، مثلما حصل في دوما عندما أبلغ فريق أمني تابع للأمم المتحدة عن إطلاق نار في الموقع المراد توجه المفتشين إلي

 

 

ترهيب الشهود:

ارتكب النظام السوري جرائم ممنهجة ضد عائلات النشطاء السلميين وممتلكاتهم منذ بداية الثورة عام 2011، شملت الاعتقال والاحتجاز التعسفي وإحراق الممتلكات أو مصادرتها، وحتى القتل في بعض الحالات. لذلك صار كثير من النشطاء يلجؤون لإخفاء هوياتهم؛ خوفاً على أقاربهم من بطش النظام.

وبعد ارتكاب النظام مجازر كيماوية، حرص كثير من الشهود والناجين على عدم الظهور على وسائل الإعلام للحديث عمّا حصل، وخاصة أن النظام كان يرسل عبر عملائه رسائل مبطنة بالتهديد إلى الشهود، تتضمن تلميحاً بإيذاء أقاربهم المقيمين في مناطق سيطرته إن تحدثوا عن ملف المجازر الكيماوية.

 

 

 

 

شهادات الزور: 

استغلّ النظام السوري وحلفاؤه الروس عناصر التسويات في المناطق التي استعادوا السيطرة عليها، وذلك لتوظيفهم كشهود زور على جرائم الكيماوي، عبر دفعهم إلى تقديم شهادات جديدة مناقضة لأعمالهم أو شهاداتهم التي قدموها عند وقوع جرائم الكيماوي.

لقد أجبر الجانب الروسي أطباءَ من مدينة دوما ، ممّن أجروا تسويات مع النظام السوري، على الإدلاء بشهادات كاذبة حول مجزرة الكيماوي في دوما، وقام بنقلهم إلى لاهاي للإدلاء بتصريحات تنفي وقوع المجزرة الكيماوية، رغم أنهم كانوا ضمن الطواقم الطبية التي حاولت إنقاذ الشهداء وعملت على إنقاذ المصابين. ولم يكن لدى الأطباء خيار آخر، بسبب وجود عائلاتهم في قبضة أجهزة النظام السوري الأمنية.

في الغوطة الشرقية أيضاً، أجبر النظام نشطاء إعلاميين وثوريين على الظهور على وسائل الإعلام لنفي وقوع مجزرة الكيماوي في الغوطة عام 2013، رغم أن من بينهم نشطاء شاركوا في توثيق الجرائم بعدستهم، أو كانوا شهوداً شخصيين عليها.

 

 

 

التضليل الإعلامي:

قام الجانب الروسي بإنشاء ماكينة إعلامية مؤلفة من صحفيين روس وأجانب، إضافة إلى إعلاميين محليين تابعين للنظام. وقد عملت هذه الماكينة على نشر كميات كبيرة من التقارير الإعلامية الكاذبة، للتأثير على نتائج البحث فيما يخص الكيماوي وتضليل الرأي العام الدولي.

إضافةً إلى ذلك، لجأت قنوات إعلامية روسية لاقتباس مقاطع فيديو من أفلام تمثيلية، وإظهار كواليس تصويرها، ونبش الثغرات فيها، والادعاء بأنها من المقاطع التي بثتها المعارضة لاتهام النظام بارتكاب الكيماوي. كان الهدف من ذلك هو التأثير على الرأي العام العالمي، مستغلين عدم معرفة كثيرين بوجود الأفلام التمثيلية التي تتحدث عن قضية الكيماوي.

 

وفي السياق نفسه، اعتقل النظام السوري عدداً من المعلمات، من مدينة عين ترما، بعد سيطرته على الغوطة الشرقية عام 2018، وأجبرهنَ (تحت التهديد) على الاعتراف بأنهنّ دَرَّبنَ أطفالَ المدارس على تأدية الأدوار التمثيلية خلال كيماوي الغوطة في عام 2013، كما أجبر المعلمات على الظهور على وسائل الإعلام للحديث عن ذلك. كما اعتقل النظام السوري عدداً من الأطفال الذين أصيبوا بكيماوي الغوطة، واشتهرت صورهم على وسائل التواصل الاجتماعي، في محاولة لإبعادهم عن الرأي العام ومنعهم من السفر، منهم الطفلة صاحبة عبارة (أنا عايشة).